أريد أنا أنام نوم ذلك الطفل
الذى يريد أن يتمزق قلبه
فى أعالى البحار
"لوركا"

.

.

الجمعة، 21 نوفمبر 2014

رسالة اعتذار إلى م .م

فكرتُ و قررتُ أننى لن أكتب لك هذا الجزء المحذوف من القصة . أعتذر على أننى لن أنفذ ما وعدتُ . إننى محرج شيئا ما ، من ناحية أخاف أن تأخذ انطباعا مختلفا عما أريده ، إذا قرأت هذا الجزء مقطوعا من سياقه ، و من ناحية أخرى أنا خجلٌ من هذه القطعة ، و من هذا السياق . الكاتب الجيد يجب أن يكون صارما و جادا ، و بلا تردّد يحذف ، بخط ٍ واحد من القلم ، الأجزاء التى كتبها و هو على درجه عالية من الانتشاء . 
هذا الانسجام الذى تحقق بيننا ، إن كان حقيقيا ، و هذا ما أتمناه ، موضعه ليس القصة ، إنه غير معقول ، بدرجة أكبر من اللامعقولية المسموح بها فى السرد . إنه شىء صنعناه برفقتنا ، فى ركننا شديد الخصوصية ، و نحن نحمل عبء الخجل الناتج عنه ، و كسرة العين إذا لم يكن حقيقيا . هذا الخوف ، هشاشة علاقتنا التى تتمثل فيها كل قوتها ، يُخجلنى من أن أعلنها فى محفل ٍ من الناس ، لو تجرأ أحدهم و سخر مننا ، سأصدق حسه الساخر و أخجل أكثر .
الكاتب الجيد يحترم القارىء ، و لكن ليس إلى حد كبير . من ناحية أخرى ، الكاتب الجيد يستحى أن يثقل على القراء بفقرات مقدسة تأخذ مكانها بين كل النصوص المقدسة المشكوك فيها . نحن نخص الأقربين بهذه المغامرات التى تتمثل فى كتابة فقرات مقدسة .
لقد تركتُ فى القصة مواطن التنافر و الغضب اللا نهائى ، الذى لن يتبخر إلى انسجام كما كانت المسودة الأولى ، و لكن سيتضاعف بمكالمة تليفون حلمتُ بها : حيث كلمتَنى و صوتك مبحوح و كنتَ مشرف على هلاك و تستنجد بى ، لكننى شككتُ ، مثقلا بتاريخ كدبك ، الذى كان واضحا فى وعى الحالم ، و تحول شكى إلى غضب ٍ تجاهك . و انشغلتُ بأشياء أخرى تافهة عن مأساة احتضارك فى
التليفون .
تركتُ للناس أن يستخرجوا الحب من كل تلك صحراء الغضب و الأحلام التى تنتهى بتعارك جسدى . أما الدلائل المباشرة للانسجام ، فليس من طبيعتها أن تُحدّد بالكتابة . إن الموضوع أشبه بوضع خطوط تحت الجمل الملهمة فى كتاب ، و هى العادة التى استسخفتها فى سلمى ، و بعدها مباشرة ، لأول مرة ، مسكت قلم و أغرقت الكتب خطوطا . و بعدها لاحظ جعفر هذا . قال أنه رأى خطوطا فى كتبى . و كالعادة انتابنى الخجل
و وقعت فى الخجل و غرقتُ فى الخجل
و شُنقتُ بالخجل
و تعريتُ بالخجل . فاعتذر لى و لا تكن مِلحاحا . و لكن لا تبخل علىّ ببعض إلحاحك فى الوقت المناسب ، حتى أرسم ..على الأقل.. خطوطا قليلة لبعض الاحتفال