أريد أنا أنام نوم ذلك الطفل
الذى يريد أن يتمزق قلبه
فى أعالى البحار
"لوركا"

.

.

السبت، 20 سبتمبر 2014

الرسالة الخامسة إلى أمانى

أعتذر عن تعقيد الرسالة الرابعة ، لقد قررتُ ، قبل أن أنهض عن السرير و أشرع فى كتابتها ، أن أذعن لتلقائية التداعى ، و أن اكتبها بسرعة ، و بدون تفكير أضغط على "حفظ" . و بعدما أنهيتها لم أعاود قراءتها و لم أغير جملة ً واحدة منها ، حتى التعابير غير الدقيقة فى الجزء الخاص بالموسيقى لم أغيرها و منها تعبير (مكشوطة الذرى) و هو تعبير غير دقيق لوصف الكلاسيكية (هايدن و موتسارت) فذراهما تصل للسماء . لكن ما أردتُ أن أقوله أن امتدادها – طولا – شديد القصر و الاستطراد العاطفى المميز للرومانسية غير موجود ، و هو ما قصدته بأنهما – بالإضافة إلى بيتهوفن – خلفا لنا البكاء البشرى ، بمعنى أنهما استنزفا عبقرية البناء الكلاسيكى ، فلم يملك مَن بعدهم إلا البكاء : امتداد الخط الذاتى الغنائى ، و رجوع "البناء" إلى الخلفية بالنسبة لهذا الخط الذاتى .
اسمعى الرباعية الوترية 18 لموتسارت ، فستجدينه يمد خيوطا للسماء و لا يسترجعها . موتسارت هو أكثر من يعزل الإنسان عن الواقع و يعلق أنظاره ببلاهة بنقطة غير محددة فى السماء ، أنه حرفيا "طفل إلهى" . و كذلك الاستغراق فيه يخلف ندما !
https://www.youtube.com/watch?v=ArJXhsSH9zc
.
رجعت أمس متعبا ، و نمت على عدة مرات ، و بين نوبتى نوم ، رفعت رأسى ، و كان اللاب على الترابيزة بجوار السرير مفتوحا ، وجدت أحد أصدقائى يعلق على رسالتى إليكِ قائلا : مدونتك طفولية ، احنا عجزنا . اليوم لم أجد التعليق و سألته هل حدث هذا أم كان حلما ، فقال انه كتب التعليق فعلا و مسحه . لقد بلغت "إمكانية الصراحة" مع هذا الصديق حدا نادرا ، من الممكن أن نعترف معا – ضمنا- بأننا أوغاد و نحن نستمع لموسيقى نذوبُ فى روحانيتها ، رغم ذلك ! . الجزء الذى يربطنى بهذا الصديق ، وهو أصفى عقل قابلته فى حياتى ، هو الجزء العقلانى فىّ ، المولع بدقة اللغة و "واقعية التفصيلة" فى مقابل "تهويم الكل" . المشهد المركز الذى يخرج من الذاكرة فى البادرة الأولى ليجسد علاقتى بهذا الصديق ، هو إننى نائم فى تجويف حجرى فى قلب جبل ، و أيقظتنى همهمة الأصدقاء التى تستعجلنى للاستيقاظ و النزول ، فوجدت جسدى مرتعشا بشكل غريب و مفزع ، أقسمت أننى لن انهض و سأنتظر معجزة ، كانت أبلغ درجات الضعف التى وصلتها فى حياتى . كان صديقى هذا جالسا جوارى ، و فى الخلفية صورة مرتعشة لصديقين أخرين عند فوهة الكهف و هما قلقان من حالتى . مد صديقى يده و كان صوته فى أذنى قاسيا و هو يقول : قوم و استحمل ، محنا لازم ننزل . مفيش معجزات ! . و الذى حدث بعدها فى الحدث الحقيقى ، أننى اتكأت كلية ً عليه إلى أسفل الجبل . لكن بعدما قمت بمعجزة و نهضت من نومتى .
.
دعينا نضع قوانين لرسائلنا ، أولها أن تُكتب مرة ً واحدة ، و بدون إعادة صياغة أو حذف .
.
حدثينى عن صداقاتك و علاقات حبك ، و لتحاولى بقدر الإمكان ، بالنسبة إلى الصداقات ، أن تتجاوزى طبيعة الأنثى ، و تكونى صريحة و قليلة المجاملة ، إننا نلقط كذبكن فى هذا الباب بقرون استشعار.
.
اسمعى هذه المقطوعة لشوبان ، ربما أكلمك فى الرسالة القادمة عنه
https://www.youtube.com/watch?v=QGhRn64Gf9w
.
أتمنى لك دوام سلامة الذوق و الامتلاء بالحياة
اكتبى إلى مهما كنتِ مشغولة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق